Rechercher dans ce blog

تناقضات قصّة آدم مع إبليس

لا يخلو القرآن من التّناقضات المتعدّدة الأوجه ، سواء تعلّق الأمر بسرد أحداث القصص أو فيما يختصّ بصفات الله و الملائكة ، و قصّة إبليس مع آدم و كيف أخرجا من الجنّة من الأمثلة الكثيرة على مثل هذه التّناقضات.
أوّلا ً : استشارة الله الملائكة
سورة البقرة 30-
وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ

الآية مفهومة بظاهرها ، و الواضح أنّ الله عرض على الملائكة اقتراحه بجعل خليفة له في الأرض ، مع أنّه من المفترض أنّه "فعّال لما يريد" و لا يحتاج أن يقترح أو أن يستشير أحدا ً  ، و زيادة على ذلك ، بحسب نفس الآية ، إعترض الملائكة على الفكرة ، و الإعتراض"عصيان" و الّذي يفترض أنّه ليس من صفات الملائكة
بل و استكبر الملائكة و افتخروا بكونهم يسبّحون بحمد الله و يقدّسون له ، و كأنّهم يوحون بحسب الآية ، أنّه (أي الله) يكفيه خيرة من خلق من المسبّحين ، و لا حاجة لخلق منافس من نوع آخر قد يفسد في الأرض و يسقك الدّماء ، أو يخطف منهم الأضواء الإلهيّة الّتي يفتخرون بها .
و انتهت الآية بالردّ الإلهي : إنّي أعلم ما لا تعلمون ...ربّما لأنّ الملائكة كان لديهم شكّ في هذه الصّفة من صفات الله ، فأكّد لهم هذا الأخير أنّه فعلا ً أوسع علما ً منهم
!!!!
ثانياً : سجود الملائكة و امتناع إبليس
و خلق الله آدم ، و أمر "الملائكة" بالسّجود له : " و إذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلاّ إبليس كان من الجنّ ففسق عن أمر ربّه" و للتذكير ، تختلف الملائكة اختلافا ً كليّا ً عن إبليس ، فحسب الإسلام ، تعتبر الأولى مخلوقةً من نور بينما الجنّ مخلوق من نار السّموم ، و الطّلب كان موجّها ً للملائكة بظاهر الآية ، فكيف يتّهم إبليس بالعصيان و الطّلب لم يشمله ؟ و إذا اعتبرنا أنّ الأمر بالسّجود شمل إبليس ، لم يعاتب على اعتراضه ؟ ألم تعترض الملائكة من قبل على خلق آدم و لم يغضب الله منها؟

 و نتيجة لعصيانه الله ، أمره الله بالخروج من الجنّة ، أي أنّه نفاه من الجنّة كما يقول لشيء "كن فيكون" و لكنّ الملاحظ ، أنّه ، بحسب القرآن ، وجد إبليس الوقت الكافي للتّفاوض :
" قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبّر فيها فاخرج إنّك من الصّاغرين13 قال أنظرني إلى يوم يبعثون14 قال إنّك من المنظرين15"
13-14-15 من سورة الأعراف

و بعدما أتمّا الإتّفاق ، خرج إبليس طبعا ً من الجنّة ، أي أنّه لم يعد له وجود فيها ، و هي الّتي لا يمكن بلوغها "كمكان عادي" كما ينتقل شخص افتراضي من نقطة إلى أخرى في الزّمن و المكان ، فهي صرح "إلهي" لا يمكن بلوغه إلاّ يإذن الله ، و لكنّ القرآن يؤكّد أنّ آدم و حوّاء وقعا ضحيّة وسواس الشّيطان : فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَٰذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ 20 وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ21
و بطريقة ما ، عاد إبليس إلى الجنّة ، و قام بوسوسة آدم و حوّاء ، مع أنّه نفي منها . 
 هذه القصّة مثال على التّناقضات الكثيرة الّتي جاءت في القرآن ، و كثيرا ً ما يقترح العلماء المسلمون تفسيرات خارقة للملمة ثغرات كهذه.

2 commentaires:

  1. انى ان فى اللغه تستخدم للتأكيد

    RépondreSupprimer
  2. السلام عليكم، جميل جدا أن يتحرر العقل البشري فكريا ، وجميل أن يطرح الأسئلة ويبحث عن الأجوبة. بالبحث يرقى ويحيى، وبالتفكير يسموا و ينمى. غير أنه في بعض الأحيان يقع في مغالطات قد تكون قاتلة له إن لم يكن دقيقا في اجتهاده، حريصا على الفهم دون عجلة ولا تسرع. لقد قرأت من قبل للموضوع في أكثر من منتدى و ما يحز في نفسي هو كون أغلب إن لم أقل كل من يكتب عن الموضوع تجده إما ملحدا لا دينيا من الأصل أو مسلما دفعته التناقضات التي بين يديه إلى الشك في دينه ثم بعد ذلك الخروج منه. وهنا أود فقط أن أرجع إلى أمر مهم جدا، إن التناقضات التي تظهر لنا هي نتيجة لتمثل مسبق ظهر و تغذى وتنامى من خلال معرفتنا المسبقة بالقصة والتي جاءتنا من الثقافة المثوارتة بما فيها تفسير الآيات من طرف العلماء السلف. إذن يجب أول التخلى عن هذا الفهم الموروث أولا والبدء من جديد بتفسير الآيات دون خلفية تذكر. إن من يقول تناقضات في قصة آدم في القرآن خاطىء لأن التناقضات ليست في القرآن بل في تفسيره، وطبيعي أن يكون التناقض لأن تفسيره فعل عقل بشري. أنا شخصيا و منذ مدة طويلة وأنا أحاول فهم القصة وتركيب القطع، والحمد لله بعد اجتهاد ليس بالهين توصلت إلى حقائق من القرآن الكريم لم يسبقني لها مفسر حسب علمي والله أعلم. لكن لن أستعجل في نشرها الآن لأنني أحتاج لوقت أكثر للجواب على مجموعة من الأسئلة الأخرى التي لا تقل أهمية.

    RépondreSupprimer