يقول المسلمون أنّ الإله القرآنيّ "الله" أرسل محمّدا للنّاس كافّة ، و الدّليل بالنّسبة لهم ، هو ما قاله محمّد عن نفسه : "...بعثت للنّاس كافّة" و ما قاله في قرآنه على لسان ربّه : " و ما أرسلناك إلاّ رحمة للعالمين" ...و لكنّ السّؤال الّذي يطرح نفسه بشدّة هو : ما الّذي يجعل الرّسالة المحمّديّة عالميّة ، مع أنّ أغلب مكوّناتها التّشريعيّة و الفكريّة تختصّ بشعب و منطقة محدّدة ؟
أكبر دليل على أنّ القرآن لا يمكن أن يكون ذا طابع عالميّ ، هو استحالة ترجمته أو حتّى ترجمة معانيه إلى لغات أخرى ، ممّ يجبر غير العرب من المسلمين ، إذا أرادوا "تدبّر" هذه "المعجزة الإلهيّة" أن يدرسوا اللّغة العربيّة ، ما يعتبر نوعا ً من الطّمس الثقافي للشعوب ، من خلال إيهامهم بأنّ الّلغة المختارة من قبل ربّهم للتّكلّم مع النّاس هي العربيّة إكبارا ً بملّتهم ، و الملاحظ هنا أنّ الشعوب الغير النّاطقة بالعربيّة حيث يقرأ القرآن و لا يفهم ، هي من بين أكثر الشعوب تمسّكا ً بالإسلام ،و مازال الحال كذلك إلى يومنا هذا ، و السّبب هو عدم اطّلاع عامّة أعاجم المسلمين على التناقضات الكثيرة الّتي جاءت في القرآن ، بينما يغض علماؤهم الطّرف عن نقائص هذا الكتاب ، خوفا ً من تهمة الردّة و التّهكّم على الرّسول ، أو لأنّ المصلحة تقتضي ترك النّاس تحت التّأثير المهلوس لقدسيّة الدّين و عماده الأساسيّ،القرآن
و إضافة ً إلى محدوديّة الرّسالة المحمّديّة ثقافيّاً ، نجد أنّ كثيرا ً من ممارساتها الشعائريّة مستحيلة التّطبيق في مناطق بعيدة عن شبه الجزيرة العربيّة ، ما يجعل الإسلام دينا ً محدودا ً جغرافيّا ً أيضا ً ، فالصّلاة مثلا ً ، الّتي تعتمد على مواقيت معيّنة من اليوم يحدّدها محلّ الشّمس في السّماء و مختلف مظاهره ، مثل الشّفق و طول الظلال ..الخ ، لا يمكن أن تؤدّى في مناطق قريبة من القطبين ، ففي البلدان الإسكندنافيّة يعمل الإنقلابين الشّتوي و الصّيفي على إطالة النّهار أو اللّيل ،بشكل يجعل من المستحيل أداء فرائض كالصّيام ، أو على العكس يجعلانهما قصيرين بحيث تصبح الصّلاة على غير شاكلة صلاة محمّد ، و تأثر بشكل سلبيّ على مسار الحياة اليوميّة للنّاس
و بالعودة إلى مثال الصّيام ، يجد الفقهاء المسلمون دائما ً حلولا ً غير منطقيّة يحافظون بها على أحقيّة دعوتهم ، فقد أفتوا بأن يتّبع المسلمون اللّذين يقطنون أقاصي الشّمال ، مواقيت أقرب بلد مسلم ، و هو حلّ أقرب للنّكتة منه إلى الفقه ، فهو ضمنيّا ً يعتبر أنّ بلدان الشّمال الأوروبيّ لم و لن تكون مسلمة ، و أنّ أقرب بلد مسلم سيضلّ ضمن دائرة المتوسّط أو آسيا الصّغرى و الجزيرة العربيّة و جنوب آسيا بشكل عامّ : ماذا لو اختفى الإسلام تماماً من المناطق التّقليديّة حيث نشأ و انتشر ، و لم يبق في العالم سوى أيسلاندا مسلمة ؟ هل يسقطون فريضة الصّيام و الصّلاة ، لأنّهما مستحيلتي التّطبيق بعيدا ً عن جزيرة العرب ؟
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire